يؤكد العالم ديفيد جروس أن الغرائز تحرّك اللعب وأن الأخير يعدّ الطفل للعمل الجدي في الحياة المستقبلية.
بدوره،
ينظر العالِم هربرت سبنسر إلى لعب الأطفال من الوجهة البيولوجية ويرجعه
إلى استغلال الطاقة الزائدة لدى هؤلاء في مجال اللعب، فيما يرى جوركي أن
اللعب هو الطريق ليتعرف الطفل إلى العالم الذي يعيش فيه.
أما العالم
مكرنكو فينظر إلى اللعب اجتماعياً ويرى أن الأطفال الذين يشاركون الطفل
اللعب يشكلون الجماعة الأولى التي يرتبط بها بعلاقات اجتماعية يخضع عبرها
لقواعد الجماعة ونظمها. ينظر المحللون النفسيون إلى اللعب على أنه الطريق
الأسمى لفهم محاولات الطفل للتوفيق بين الخبرات المتعارضة التي يمرّ بها،
إذ يكشف من يعاني مشكلة خاصة عن نفسه وعن مشكلته عن طريق اللعب بشكل لا
تعادله طريقة أخرى.
عموماً، لا يمكننا الجزم بوجود نظرية كاملة ولا
يمكننا تفضيل نظرية على أخرى، فكل واحدة تكمل الأخرى لأن ألعاب الأطفال
تتميز بالتعدد والتنوع وتعمل على تحقيق أهداف كثيرة. تربوياً، يُقسم لعب
الأطفال إلى ما يلي:
اللعب الحركيّ: يتأسس على نشاط الطفل البدني أو الحركي مثل الألعاب التمثيلية والقصص الحركية والتمارين الحرّة غير الموجهة.
يتميز
هذا النوع غالباً بكثرة المشاركين فيه، لذا يرفع المستوى الصحي وينمّي
القدرات والمهارات الحركية المختلفة والصفات البدنية والسمات الإرادية
والخلقية.
اللعب التمثيلي :في هذا النوع من اللعب يحاول الطفل تقليد
البالغين ونشاطهم الاجتماعي، فيمثل دور الكبار عبر ممارسة لعبة الأم
والطفل. مثلاً، يجسد دور الأم ولعبته دور الطفل، ربما بلا أداء أي نشاط
بدني أو حركي.
يجب التفريق بين الألعاب التي يبتكرها خيال الطفل وبين
تلك التي يسهم الكبار في تعليمها له وتلقينه لقواعدها ونظمها، إلى جانب
إسهام هذا النوع من اللعب في تطوير النشاط المعرفي فإنه يعمل على تنمية
السمات النفسية المختلفة.
اللعب الثقافي: يمارس الطفل الألعاب التي
تهدف إلى زيادة معارفه ومعلوماته وتنمي التفكير والتركيز والملاحظة
والانتباه لديه. كذلك تهدف ألعاب معينة إلى التسلية من دون أن يقوم الطفل
بأي واجب معيّن، بل يبدأ باللعب ثم يتوقف عندما يرغب، ويصاب نادراً بالتعب
أو الملل.
في المقابل، ثمة ألعاب تتضمن واجبات معينة على الطفل القيام
بها، ما يتطلب بذل مجهود كبير، وكثيراً ما ينسى الطفل الواجب والهدف الذي
يعمل على تحقيقه ويحاول اللعب بلا هدف، أو يترك اللعب جانباً ويتحوّل إلى
عمل آخر أو يتجوّل هنا وهناك للحصول على قسط من الراحة.
الألعاب الرياضية: ثمة نظريات عامة للألعاب الرياضية تبحث في مواضيع كثيرة من بينها:
- تطور الألعاب الرياضية التاريخي.
- أنواع الألعاب وأسس تقسيمها ومجالاتها المختلفة.
- مكانة الألعاب الرياضية وأهميتها وخصائصها المميزة.
- أسلوب تعليم المهارات الحركية والقدرة على ابتكار الخطط في الألعاب الرياضية.
- اللياقة البدنية في مجال الألعاب الرياضية.
- أسس التحكيم ومتطلباته.
- أنواع المباريات والمنافسات في الألعاب الرياضية.
وغير ذلك من مواضيع تشمل أهدافاً وغايات مختلفة.
وأي
تقسيم للألعاب أو تصنيفها لا بد من أن يتأسس على وجهة نظر معينة تخضع
للحاجة العملية، من هنا قسم غوتس موتث الألعاب عموماً، طبقاً لنوع النشاط
الذي يقوم به الطفل، إلى ألعاب هادئة (غير حركية) وألعاب حركية.
الألعاب غير الحركية
تتميز
بقلة متطلباتها الحركية أو حتى عدمها، مثل ألعاب الانتباه، الملاحظة،
التصوّر، التفكير، حلّ الألغاز، ألعاب الطاولة والورق وما شابه ذلك. ولهذه
الألعاب أهمية كبيرة في عملية النمو والصحة العقلية والفكرية وتلقى
اهتماماً من المربين أثناء تربية الأطفال.
الألعاب الحركية
تعتمد على الحركة الجسدية، وتُقسم إلى ألعاب صغيرة وألعاب كبيرة.
الألعاب
الصغيرة: مجموعة الألعاب التي تمارس باستخدام الأدوات الصغيرة كالكرة
والأطواق والصولجانات وأكياس الحبوب وما شابه ذلك، وتشمل ألعاب الجري
والرشاقة، وتتميز بطابع المرح والسرور والتنافس مع مرونة قواعدها وقلّة
أدواتها وسهولة ممارستها.
نظراً إلى تعدد أنواع الألعاب الصغيرة ظهرت
الحاجة إلى ضرورة تمييزها بسهولة وتحديد مجالها، لتفريقها عن الألعاب أو
الأنشطة الرياضية الأخرى. أهم النقاط التي يمكن تحديد الألعاب الصغيرة من
خلالها هي: لا تشترط ممارستها طبقاً لقواعد وقوانين دولية رسمية معترف
بها، فلا يرتبط فيها زمن اللعب أو عدد اللاعبين أو مساحة مكان اللعب وحجمه
أو مواصفات الأدوات المستخدمة بأي شروط أو قواعد دولية أو عالمية.
و
تتميز بسهولة تغيير قواعد اللعب وقوانينه بما يتناسب والظروف أو بما
يتلاءم مع أهداف العملية التربوية أو التعليمية. ويحدّد الأطفال بأنفسهم
القوانين التي يرغبون في تطبيقها أثناء اللعب، وكذلك لا مهارات حركية أو
خطط معينة لكل لعبة، و لا اتحادات رياضية تشرف على هذه الألعاب. ولا تخضع
للطرق المتعارف عليها في تنظيم المسابقات كطريقة الدوري أو خروج المغلوب،
وأيضاً الألعاب الصغيرة إحدى الوسائل المهمة التي تصبغ اللعب بصبغة محببة
تتميز بالمرح والاسترخاء والسرور. كذلك تعتبر إحدى الوسائل التي تخدم
الأهداف التربوية والتعليمية وترتقي بالقدرة الوظيفية والكفاءة الجسدية.
وتظهر أهميتها في انها تحتل الألعاب الصغيرة جزءاً من التربية البدنية،
وتمثل جزءاً من التربية العامة، ويدفع فرض النظام في الألعاب الصغيرة
الأطفال إلى إدراك أن ممارستهم اللعب ترتبط بتمسكهم بالتنظيم بحسب طبيعة
اللعبة. كذلك يميلون إلى معاونة المربي الرياضي ما ينمّي لديهم روح
التعاون والالتزام وتحمّل المسئولية ومساعدة الغير والشعور بالآخرين
واحترامهم.
ويتعلم الأطفال اللعب بهدوء، مع الحرص على عدم كبت
تعابيرهم التلقائية عن مظاهر الفرح والسرور، إضافة إلى تنمية صفات الأمانة
والتسامح والصبر والتحمل وإنكار الذات وبث روح المنافسة وتقبل الهزيمة..
وتمتد أهمية الألعاب الصغيرة لتشمل النواحي التشريحية والفزيولوجية
والنواحي الحركية. تؤثر متطلبات الألعاب الصغيرة الحركية إيجاباً على
تنمية قدرة الأعضاء الداخلية الوظيفية وتقوّي الجهاز العضلي وتحافظ على
القوام الجيّد وتنمّي أعضاء الحواس المختلفة.
تغني الألعاب الصغيرة
نواحي التعلّم الحركي، إذ تتطلب ممارستها اكتساب مهارات حركية مركّبة
كمهارات اللقف والرمي أو الجري والوثب وما شابه ذلك، ما يسهم في تنمية
التوافق العضلي العصبي والقدرة على الاستيعاب الحركي وتنمية صفات الرشاقة
وسرعة الاستجابة والمرونة. ثم يسهم تعدد الألعاب الصغيرة في تنمية القدرة
على التصوّر والتذكر، ما يرقى بذكاء الطفل الحركي وبصحته.
لا تتطلب
الألعاب الصغيرة الإعداد والتجهيز، تكون عموماً سهلة وواضحة وتسمح بمشاركة
عدد كبير من الأطفال ويمكن ممارستها في مساحة صغيرة.