معانٍ ثلاثة لحديث فليصل رحمه
أردف الدكتور العودة، قائلًا: لقد خطر في بالي ثلاثة معاني لهذا الحديث:
المعنى الأول: أن المقصود أن يبارك الله في عمره فيكون العمر فيه بركة، وهذا معنى صحيح وإن كان ليس هو الظاهر.
المعنى الثاني: وهو الظاهر أن المقصود (وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ)، أي: يُطوّل عمره، وهذا معنى مروي عن جماعة من السلف، والله -سبحانه وتعالى- يمحو ما يشاء ويُثبت، مشيرًا إلى أنه يوجد ما يسمى بـ"القضاء المبرم" و"القضاء المعلق" أو "القضاء المبدئي"، فقد يكون عند الملَك أن هذا الإنسان إن أطاع ووصل رحمه فعمره كذا، وإن لم يصل رحمه فعمره كذا مع أن هذا لا ينافي ما عند الله تعالى، فإن الله تعالى يعلم ويحيط بالأشياء، ويعلمها علمًا قطعيًا على نهاياتها، فيعلم ماذا سوف يكون إليه أمر هذا الإنسان من بر أو قطيعة، ومن صلة أو قطع، ولكن المقصود أن يطول عمر الإنسان بسبب البر.
المعنى الثالث: وهو أن يكون المقصود من قوله: (فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) أنه لا يتعلق فقط بالفرد، ولكن حتى الأسرة أو القبيلة أو الدولة أو الجماعة من الناس إذا كان بينهم تواصل وبر وإحسان للضعيف والفقير والصغير وتواصل بالمال والكلام الطيب فإن هذا مدعاة إلى أن يكون لهم استمرار وديمومة في الحياة.
وفيما يتعلق بأن هذا المعنى الأخير له شواهد أخرى، منها "مجتمع العدل "، قال الشيخ سلمان: إن مجتمع العدل لا يلزم أن يكون دولة فقط، ولكن الأسرة والقبيلة أو الجماعة من الناس إذا كان بينهم صلة ومحبة وإحسان ورعاية للفقير والضعيف والمسكين وتلمّس الحاجات فإن هذا مدعاة إلى أن يبقوا ويستمروا، وذلك بخلاف آخرين ربما يكونون كثرةً ولكن بسبب القطيعة والعقوق والمفاصلة بينهم، فإنهم سرعان ما يتفرقون ويصبحون شتى، ولا يُعرفون بأنهم من أسرة واحدة.